[go: up one dir, main page]

شباب امرأة... حين يصير الحمار والخروف والإنسان أدوات في يد شفاعات

ما أروع الإيحاء حين يملأ المشهد دون أن يُقال حرف. كلما شاهدت فيلم "شباب امرأة" للمخرج الواقعي الكبير صلاح أبو سيف، أشعر أنني لا أشاهد فقط دراما اجتماعية، بل أُعيد اكتشاف العين السينمائية التي ترى أكثر مما يُرى، وتقول أكثر مما يُقال. في أحد أبرز مشاهد الفيلم، يقف عبدالوارث عسر محاولًا إقناع شفاعات (تحية كاريوكا) بألا تقسو على الحمار الذي يدور في الطاحونة، وألا تُرهقه في الدوران. المشهد في ظاهره حديث عن حيوان، لكن إيحاءه أعمق بكثير، إذ يشير بوضوح إلى الشاب إمام (شكري سرحان)، الذي تستغله شفاعات في تحقيق رغباتها الجسدية، وتُدخله عالم الرذيلة تدريجيًا، حتى ينصرف عن دراسته ويضيع مستقبله. وتزداد حدة الرمزية في مشهد آخر لا يقل دلالة، عندما نشاهد رجلاً يجذب أحد الخراف من الحظيرة، فيما تقوم شفاعات بجذب إمام من يده نحو الداخل، في لقطة مشحونة بالإيحاء، تُجسد نظرة المخرج إلى إمام باعتباره خروفًا يُسمن ليُذبح، دون وعي منه بما يُخطط له. هو ليس سوى طُعم تُلقي به في شِباك شهوتها، بعد أن أطعمته وسقته وضللته. ولا تتوقف رمزية صلاح أبو سيف هنا، بل تمتد حتى في أبسط تفاصيل الحركة داخل الكادر، فخطوات شفاعات دائمًا تتقدم إمام بخطوة أو خطوتين في كل مشهد يجمعهما في الشارع أو في المنزل، وكأنها هي من تقوده، تُسيره، وتُحدد له الاتجاه، بينما هو فقط يتبع، مغمض العينين، مسلوب الإرادة. وتأتي النهاية الدراماتيكية العنيفة، حين تتشاجر شفاعات مع عبدالوارث عسر، وتلفظ أنفاسها الأخيرة تحت أقدام الحمار الذي كانت تمتطيه، دون أن تعير له اهتمامًا طيلة الفيلم. نهاية تؤكد ببراعة أن المخرج أراد أن يقول: لا فرق بين الحمار، أو الخروف، أو إمام... فجميعهم في نظر شفاعات أدوات تُستخدم حتى تنكسر، ثم تُستبدل. لكن الفرق أن واحدًا منهم كان سبب نهايتها. هنا، يُغلق صلاح أبو سيف دائرته الرمزية المحكمة، ليُعلن أن من يقود بالهوى، ويسير فوق رقاب الآخرين، لا بد أن يسقط على يد من استخف به ذات يوم.

نقد آخر لفيلم شباب امرأة

عنوان النقد اسم المستخدم هل النقد مفيد؟ تاريخ النشر
وقفة مُهمة أمام دور القدير عبدالوارث عسر!! محمود محجوب محمود محجوب 5/5 15 ابريل 2020
فيلم رائع للعبقري صلاح ابو سيف Hassan Ahmed Khobar Hassan Ahmed Khobar 2/2 30 اكتوبر 2019
شباب امرأة... حين يصير الحمار والخروف والإنسان أدوات في يد شفاعات دعاء أبو الضياء دعاء أبو الضياء 2/2 21 اغسطس 2011