تستدعي السلطات الحاكمة عشرات الآلاف من الشباب للعمل بالسخرة في قناة السويس، ويترك متولي شفيقة شقيقته وحدها مع الجد العجوز، وتضطر شفيقة إلى قبول إغراءات ابن شيخ البلد دياب، وتكتشف البلدة العلاقة الآثمة...اقرأ المزيد بينهما، ويضطرها الجد إلى الرحيل برفقة القوادة هنادي إلى أسيوط، وتصبح عشيقة الطرابيشي مورد العبيد.
تستدعي السلطات الحاكمة عشرات الآلاف من الشباب للعمل بالسخرة في قناة السويس، ويترك متولي شفيقة شقيقته وحدها مع الجد العجوز، وتضطر شفيقة إلى قبول إغراءات ابن شيخ البلد دياب، وتكتشف...اقرأ المزيد البلدة العلاقة الآثمة بينهما، ويضطرها الجد إلى الرحيل برفقة القوادة هنادي إلى أسيوط، وتصبح عشيقة الطرابيشي مورد العبيد.
المزيدفى جرجا بمديرية سوهاج عاشت شفيقة (سعاد حسني) مع شقيقها متولى (أحمد زكي) وجدهما (عبد الوارث عسر) في فقر مدقع، وكان متولي يعولهما. يجيء مندوب أفندينا لحصد الشباب القادر على العمل...اقرأ المزيد بدعوى التجنيد ويقوم شيخ البلد (حسن حسين) بإجبار الشباب للذهاب للجهادية، وهم في الواقع سيعملون بالسخرة فى حفر قناة السويس، وتسرع شفيقة لتحذير متولي للهرب، ولكن متولي أبت عليه كرامته أن يهرب، وتم تجنيده، ولكونه ذكي واستوعب أصول الحياة العسكرية، فقد تم ترقيته لأومباشى، وأشرف على عمال السخرة بالقناة. بينما عانت شفيقة من شظف العيش، وانقادت إلى دياب (محمود عبد العزيز) إبن شيخ البلد الذي طمعت فى حبه لها، وسلمت له نفسها، وكانا يلتقيان فى منزل الدلالة هنادي (ملك الجمل) التي كانت تأوي العاملين بالمولد، وكذلك راغبي المتعة، مما أثار حفيظة الأهالي عندما شاهدوا دياب منفردًا بشفيقة ببيت هنادي، فقاموا بحرق البيت، وطرد الجميع خارج البلد، حيث ذهبوا لأسيوط عند الدلالة فلة (نعيمة الصغير) والتي أرسل إليها الثري مقاول الأنفار أحمد الطرابيشي (أحمد مظهر) طعاما كثيرًا، فذهبوا إليه لشكره وتهنئته بعيد ميلاده، وعنده ضيوفه الإنجليز، وشاهد شفيقة وأعجب بها، بينما استولت العجوز الإنجليزية (ليزا ماي) على دياب مستمتعة بجسده في مقابل المال، وشاهدته شفيقة، ففعلت مثله ببيع جسدها لزبائن فلة، ولكن هنادي أقنعتها أن تنظر لأعلى، فذهبت إلى الطرابيشي الذي اتخذها خليلة خاصة به ونظفها وألبسها لتليق به، وسافر بها إلى أوروبا ليبهرها، ومنحها قصرًا كبيرًا. تفشى الوباء بين عمال القناة، ومات الكثيرين، مما دعا أحمد الطرابيشي لإحضار 50 ألف عبدًا من السودان، ولكنهم ماتوا في الطريق من العطش، وهاجت الدنيا على والي مصر الذي كلف أفندينا يسرى باشا (جميل راتب) بالتحقيق وإعدام المتسبب فى المأساة، وأراد أفندينا قتل الطرابيشي الذي وعده بتقديم كبش فداء، وقدم له خادمه بلبل (يونس شلبي) وتقديم شفيقة له ليقضى معها ليلة حمراء. وشنق بلبل بعد أن صارح شفيقة بحقيقة عمل الطرابيشي وأفندينا وتجارتهم بالعبيد وقام أفندينا بالانفراد بشفيقة التي اكتشفت انه مازوخي (يحب ان يُهان أو يُعذب قبل لقاءاته الجنسية)، وأمرها ان تضربه بالسوط، ومثل أمام الجميع مايفعله ميمون من نوم العازب وعجين الفلاحة، ليشعر بالذل والمهانة. فُصل شيخ البلد من عمله وتم تجنيد دياب الذي قابل متولي فى القناة، وشاهد متولي وشم شفيقة على ذراعه، وعلم منه أن شفيقة تبيع جسدها في أسيوط، فقتله وهرب الى أسيوط، وعلم بأن شفيقة قد عادت لجرجا، فسعى وراءها، ووجدها تنتظره وحينما هم بقتلها، كان زبانية أفندينا والطرابيشي قد جاءوا للتخلص من شفيقة التي تعلم الكثير عنهما، وقتلوها أمام عيني متولي الذى حملها بين ذراعيه.
المزيديعتبر فيلم شفيقة ومتولي هو أضخم إنتاج سينمائي في موسم 1978.
بعيدًا عن الأفلام التي تناولت مفاهيم "الشرف" و"العار" في قوالب نمطية، وبعيدًا عن القصص الشعبية المكررة التي تُروى في الموالد والمهرجانات، خرج المخرج علي بدرخان برؤية مختلفة تمامًا في فيلمه شفيقة ومتولي، مستندًا إلى القصة الشعبية التي كتبها شوقي عبدالحكيم، لكنها هذه المرة ليست مجرد حكاية عن فتاة ساقها القدر إلى الرذيلة، بل حكاية عن وطن بأكمله وقع في قبضة الاستعمار، وتشرب الذل حتى النخاع. الفيلم، ببساطة، هو إسقاط سياسي بامتياز، يعكس واقع المصريين في ظل القهر الاجتماعي والسياسي، لا سيما في عهد...اقرأ المزيد الاحتلال البريطاني، حيث لم تكن "شفيقة" مجرد فتاة ضائعة، بل كانت رمزًا لطبقة مسحوقة وجدت في "الرذيلة" مخرجًا من الجوع والقهر. كما لم يكن "متولي" شقيقها مجرد شاب مقهور، بل صورة لملايين من الشبان المصريين الذين سُلبت أحلامهم في ظل نظام السخرة والاستعباد. نجح السيناريست صلاح جاهين في تحويل قصة شوقي عبدالحكيم إلى سيناريو يحمل أبعادًا سياسية وثقافية عميقة، عبر معالجة فنية ذكية ترصد الصراع بين القوى الاستعمارية (فرنسا وإنجلترا) من جهة، وصراع المصري مع ذاته وأرضه وكرامته من جهة أخرى. وتتجلى ذروة هذا القمع والاستغلال في شخصية "الباشا"، التي أداها ببراعة جميل راتب، حيث جسد فيها الاستعمار الداخلي لا الخارجي فحسب، من خلال رجل سادي يستخدم سلطته لإذلال الناس، وتسخيرهم لخدمة رغباته. كان شذوذه في السلوك تعبيرًا عن شذوذ السلطة التي لا ترى في الناس إلا أدوات للمتعة أو الخدمة. أما الفنان أحمد زكي، فقد قدم في بداياته الفنية أداءً استثنائيًا في دور "متولي"، الشاب الذي تُسرق منه الفرحة، ويُدفن تحت قهر السخرة، في عبودية مقننة لا تتيح له إلا الانكسار أو الانتحار. أخرج علي بدرخان من أحمد زكي كل الانفعالات المكبوتة، في مشاهد تفيض بالألم والواقعية، جعلت من متولي شخصية أيقونية في التعبير عن الغضب الطبقي والإنساني. ولعل أعظم ما في الفيلم هو تشابه المصير بين شفيقة ومتولي: كلاهما سُحق في طاحونة الظلم، وكأن الفيلم يقول إن من تُسحق كرامته لا فرق إن كان ذكرًا أو أنثى، وإن العار ليس فيما تفعله الضحية، بل فيما يفرضه المجتمع والنظام من شروط للبقاء. إن شفيقة ومتولي ليس فقط واحدًا من أنضج الأفلام التي تناولت القهر الاجتماعي، بل أيضًا وثيقة فنية عن مرحلة قاسية من التاريخ المصري، حملها علي بدرخان ببراعة، ونسجها طاقم العمل بأداء صادق لا يُنسى.