[go: up one dir, main page]

"إخواتي"... الوصية الثامنة!

  • نقد
  • 03:13 صباحًا - 16 ابريل 2025
  • 4 صور



الديجافو (Déjà vu) هو إحساس غريب يصيب الإنسان فجأة، فيشعر بأنه مرّ بموقف معين من قبل، رغم معرفته الأكيدة بأنه يعيشه لأول مرة. هو لحظة من التكرار الغامض، تجعل العقل يتوقف للحظة، متسائلًا: "هل حدث هذا من قبل؟" في الدراما، كثيرًا ما نشعر بهذا الإحساس حين نتابع أعمالًا تحمل في طياتها أجواء مألوفة أو خطوط درامية تذكرنا بأعمال أخرى.

"إخواتي" هو مسلسل درامي مصري من إخراج محمد شاكر خضير، وبطولة نخبة من النجوم من بينهم نيللي كريم، كندة علوش، روبي، چيهان الشماشرجي، علي صبحي، وحاتم صلاح. تدور القصة حول أربع شقيقات، لكل واحدة منهن عالمها الخاص، وصراعاتها المختلفة، لكنهن يجتمعن في مواجهة كارثة واحدة تقلب حياتهن رأسًا على عقب.

قدم العمل مجموعة من الشخصيات المثيرة للفضول، وسط سلسلة من الخطوط الدرامية المعقدة، الأولى تعاني في زواجها مع رجل لا يطاق، والثانية تحاول تحقيق حلمها بالإنجاب، والثالثة ترغب في تأمين معيشة أفضل لأبنائها، والأخيرة تحلم بالكمال والإنوثة المتفجرة، تتداخل عوالمهن في العديد من اللحظات، وتبقى لكلا منهن قصتها المستقلة والتي لا تخلو في الأغلب من الرماديات والتناقضات والجريمة.

نقطة التحول الكبرى في المسلسل تبدأ حين ترى إحدى الشقيقات -نجلاء في منامها مشهد مقتل زوجها، وبعد فترة وجيزة يتحقق حلمها، مما يدفع بها وشقيقاتها إلى سلسلة من الأحداث الفوضوية التي لا تخلو من المواقف المضحكة والكوميديا المظلمة.

محمد شاكر خضير يتميز دائمًا بلغة بصرية خاصة، ولون درامي يُجيد المزج فيه بين الواقع والجريمة الساخرة على غرار "في كل إسبوع يوم جمعة". في العمل استطاع خلق أجواء مشحونة مطعمة بموسيقى تصويرية رائعة أضافت كثيرًا للعمل، بجانب الاجتهاد في بعض المشاهد على صعيد المونتاج، وخاصة في مشهد وصول الشقيقات إلى منزل نجلاء واكتشافهن مقتله، وإجمالًا كان العمل جيدًا على صعيد الإخراج.

رغم البداية القوية والمبشرة، إلا أن الحلقات السبع الأخيرة من العمل شهدت انحدارًا ملحوظًا في مستوى الكتابة والتماسك الدرامي. ابتعدت بعض الأحداث عن المنطق، وظهرت التواءات درامية ومفاجآت بدت مفتعلة أكثر من كونها نابعة من تطور طبيعي في الحبكة. بعض الشخصيات اتخذت قرارات لا تتماشى مع تركيبتها النفسية التي تعرفنا عليها في الحلقات الأولى؛ مثل نجلاء والتي تحولت إلى شخصية شديدة الذكاء تدبر المكائد وتحقق انتقامها الخاص، هشام الذي يتخلى عن مبادئه دون سبب درامي قوي وواضح، وكأن الأحداث فرضت نفسها على الشخصيات لا العكس، وفي الحقيقة يمكن القول أن افضل ما في العمل هو ثنائية كندة علوش وحاتم صلاح والكيمياء الكبيرة بينهما.

يتشابه مسلسل "إخواتي" بشكل كبير مع واحد من أكثر المسلسلات المثيرة للجدل في العشرون عامًا الأخيرة "السبع وصايا" للمؤلف محمد أمين راضي، حيث يتشابه العملين في الشخصيات المختلفة التي تجمعهم رابطة الدم، لكن لكل منهما حياة مليئة بالأسرار والتصرفات التي تتخطى القانون، كما أن المحرك الرئيسي للأحداث في العملين هي جريمة قتل، وتتشابه أيضًا فكرة الأحلام في العمل الأول مع فكرة الوصايا في الثاني، وعلى صعيد الشخصيات ظهرت شخصيتي ناهد وفرحات كمحاولة جديدة لتكرار ثنائية عرنوس وقمقم لوليد فواز وهنا شيحة، فالكيمياء تتشابه كثيرًا بين العالمين، كما أن المحرك الأساسي لهما في المسلسلين هو الإنجاب والخلفة.

الاختلاف الأكبر بين "إخواتي" و"السبع وصايا" يكمن في جوهر الفكرة. في "السبع وصايا"، كانت كل وصية تمثل نوعًا من الثواب والعقاب، ودفعت الشخصيات ثمن أفعالها بشكل واضح وقاطع. أما في "إخواتي"، فقد غابت هذه الفلسفة تمامًا، ومرت جرائم كبيرة ومصائر مأساوية مثل القتل وسرقة الآثار والجثث دون عقاب حقيقي، ولم نرَ مطرقة قاضٍ تهوي، ولا دمًا يُراق، وكأن الرسالة النهائية تقول إن النجاة ممكنة حتى مع أعظم الذنوب والجرائم، وأن العدالة لا وجود لها، فربما لا أتذكر رؤية ضابط شرطة واحد طيلة العمل.

"إخواتي" عمل مسلي وممتع، على الرغم من التفاوت بين مستوى الحلقات وضعف بعضها والنهاية الغير منطقية، إلا أنه يظل وجبة رمضانية لطيفة غير مثالية يمكن مشاهدتها في عالم مسلسلات الـ15 حلقة.




تعليقات