تدور أحداث الفيلم خلال 48 ساعة حول (ضي)، طفل نوبي ألبينو، يواجه التمييز والنبذ، ولكنه يمتلك صوت ذهبي وحلم كبير. ينطلق مع أسرته المفككة ومدرسته في رحلة محفوفة بالمخاطر من أسوان إلى القاهرة بلا مال أو...اقرأ المزيد وسيلة اتصال، لكن الأمل والموسيقى يقودانه للأمام لتحقيق هذا الحلم.
تدور أحداث الفيلم خلال 48 ساعة حول (ضي)، طفل نوبي ألبينو، يواجه التمييز والنبذ، ولكنه يمتلك صوت ذهبي وحلم كبير. ينطلق مع أسرته المفككة ومدرسته في رحلة محفوفة بالمخاطر من أسوان إلى...اقرأ المزيد القاهرة بلا مال أو وسيلة اتصال، لكن الأمل والموسيقى يقودانه للأمام لتحقيق هذا الحلم.
المزيدفيلم "ضي" من النوع اللي بييجي عليه ضجة كبيرة قبل ما الناس حتى تدخله السينما، خصوصًا لما الموضوع يبقى عن طفل نوبي أمهق (ألبينو) بيتعرض للتنمر وبيحاول يحقق حلمه بالغناء. من أول لحظة، واضح إن الفيلم بيلعب على وتر العاطفة، وبيقدم نفسه كـ"رسالة إنسانية" لازم نتأثر بيها... بس الحقيقة؟ الفيلم نفسه افتقر لأبسط قواعد المنطق الدرامي، ووقع في فخ كبير: إنه يركن على تعاطف الناس بدل ما يقدم قصة حقيقية ومؤثرة. وأنا بتفرج على "ضي"، كان عندي شعور ثابت: إيه اللي بيحصل؟ وليه كل حاجة بتحصل كده فجأة؟ الولد فجأة...اقرأ المزيد بيقابل ناس كتيرة، وبيغني في محطة قطار، والجمهور يتفاعل معاه كأنه في فاينال "Arab Idol"، وبعدها يغني تاني جوه مستشفى مع محمد منير... وكل ده في يومين! تحس إن الفيلم بيجري بسرعة علشان يلحق يركب كل اللحظات المؤثرة اللي في دماغ صناعه، من غير ما يهتم يسأل: هل ده طبيعي؟ هل دي شخصيات ممكن نصدقها؟ هل دي رحلة ممكن نعيشها كمشاهدين؟ الخيال مش دايمًا عيب في السينما، بس هنا بقى مخرج سهل للهروب من المنطق. الناس اللي في الشارع، واللي في المحطة، واللي في المستشفى... كلهم بيتصرفوا كأنهم ممثلين في مشهد بيتم تصويره مش ناس حقيقية. ولو اتكلمنا عن الأداء التمثيلي: فبدر محمد (اللي قدم دور "ضي") عنده طاقة واضحة، وحضور، لكن افتقد كتير من الانفعالات اللي كان المفروض توصل لنا إحساسه الحقيقي. ساعات تحس إنه حافظ المشهد أكتر من إنه حاسس بيه. وده يمكن بسبب التوجيه الإخراجي أو حتى ضغوط التجربة. أما أسيل عمران في دور المدرسة الطيبة اللي بتشجع البطل، قدمت أداء لطيف، بس مش أكتر. الشخصية نفسها متكتوبة بشكل نمطي جدًا: المعلمة اللي "بتظهر وقت الأزمة وتؤمن بالبطل"، من غير أي خلفية أو تطور حقيقي. شفناها مليون مرة قبل كده بنفس الشكل. والإخراج في "ضي" حسسني إني بتفرج على فيلم دعائي، مش فيلم سينما. مافيش مشهد واحد قدر يفضل في دماغي بعد ما خرجت من السينما، لا من ناحية الإضاءة، ولا من ناحية تكوين الكادر، ولا حتى في استخدام الموسيقى. المخرج كريم الشناوي اللي قدم أعمال كتيرة تستحق الواقفة والتأمل استخدم كل الكليشيهات اللي ممكن تتخيلها بفيلم ضي: طفل بيغني وسط تصفيق، لقطة بطيئة لدموع في العين، مشهد فجائي لفنان بيظهر يساعد البطل... كل ده اتكرر قبل كده ميت مرة، وملهوش طعم هنا غير إنه بيقولك: "اتأثر بقى يا عم!". وجود فنانين كبار زي محمد منير، أحمد حلمي، أمينة خليل، محمد ممدوح، وغيرهم، كان واضح إنه محاولة لجذب الانتباه مش لخدمة القصة. يعني مثلًا، لما محمد منير ييجي يغني في مستشفى، والممرضين والمرضى يسيبوا كل حاجة ويقفوا يغنوا ويصقفوا.. ده مش مشهد درامي، ده مشهد استعراضي خالص. تحس إنهم بيحاولوا يقولوا للجمهور: “بصوا مين معانا!”، من غير ما يحاولوا يبرروا وجودهم في الفيلم أو يربطوهم بالقصة بشكل منطقي. فيلم "ضي" الذي قدم في افتتاح مهرجان البحر الأحمر 2024، كان واضح فيه اعتماد كريم الشناوي على تقديم قضية إنسانية صعبة زي التنمر والتمييز، وخاصة لما يكون الضحية طفل مختلف عن الباقيين. وبعدها بحوالي كام شهر، جه "لام شمسية" في رمضان 2025، وقدم واحدة من أقوى المعالجات الدرامية لقضية التحرش بالأطفال. وهنا هنلاقي نفسنا بنسأل سؤال هل الشناوي كان بيجرب في "ضي" يلعب على نفس وتر التأثير؟ ولا الموضوع صدفة فنية بحتة؟ في الحالتين، الفرق واضح: في "ضي"، نفس النية النبيلة تحولت لاستعراض عاطفي، فقد تأثيره بسبب التنفيذ السطحي والمبالغات. وفي "لام شمسية"، كانت القضية هي قلب الحكاية، واتقدمت بواقعية وبناء درامي محكم. ففكرة "الطفل اللي بيعاني من الرفض والتنمر وبيحقق حلمه" معمولة كتير أوي، ومش عيب إنها تتكرر، بس لازم تتقدم بشكل مختلف. للأسف "ضي" أخد الفكرة كما هي، وزود عليها شوية عناصر للتأثير زي إنه طفل أمهق، من النوبة، وصوته حلو، وعنده معلمة طيبة، وأهل مش فاهمينه... ومن هنا خلصنا تركيبة فيلم التعاطف. ومن الحاجات اللي كانت واضحة جدًا كمان، هو الاستخدام الكثيف لأغاني محمد منير، مشهد ورا التاني نلاقي صوت منير داخل، سواء في الخلفية أو جوه الأحداث نفسها، لدرجة إنك تحس أحيانًا إن الفيلم اتبنى حوالين الأغاني، مش العكس. وده مش تقليل من قيمة منير أو صوته أو تأثيره، بالعكس... لكن في "ضي"، الإكثار من وجوده الغنائي حسسنا إن صُناع الفيلم بيحاولوا يرفعوا القيمة الفنية أو يخلقوا حالة "إحساس" تغطي على الضعف الكبير في السيناريو. كأنهم بيقولوا: "طالما الأغاني حلوة وصوت منير موجود، يبقى الفيلم أكيد حلو"، ودي معادلة ما بتشتغلش لما القصة نفسها مش واقفة على رجلها. لكن وبصراحة الحق يُقال، الفيلم بيقول حاجة مهمة: إن كل إنسان مختلف من حقه يحلم، ويحقق حلمه. الرسالة دي كويسة ومهمة، ومفيش شك. لكن لما تتحول الرسالة دي لكارت بيتلعب في كل مشهد، وتُستخدم علشان تغطي على ضعف القصة والإخراج، هنا تبقى الرسالة بتخسر قيمتها. "ضي" مش فيلم وحش جدًا، بس كمان مش الفيلم اللي يستاهل كل الهالة اللي اتعملت حواليه. هو فيلم اختار يسلك طريق سهل: يلعب على العاطفة، ويستعرض ناس مشهدين، ويقفل الحكاية بسرعة. بس اللي كان المفروض يعمله – إنه يقدم قصة إنسانية حقيقية تمشي على أرض الواقع – ده ما حصلش. في النهاية فيلم "ضي" ممكن يكسب تعاطف ناس كتير... بس بالنسبة لأي حد بيدور على سينما بجد، أو قصة حقيقية، أو شغل فني مُتقن، فالفيلم ده كان مجرد صوت عالي، من غير صدى.